التاريخ: 26/02/2025
السبت، ٢٢ فبراير / شباط ٢٠٢٥
تلعب عمليات التشميع، الفرز، والتبريد دورًا أساسيًا في الحفاظ على جودة المنتجات الزراعية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه القطاع الزراعي من حيث تسويق المحاصيل وإطالة عمرها الافتراضي. هذه العمليات ليست مجرد خطوات تقنية، بل هي استراتيجيات ضرورية لتنظيم العرض في الأسواق، تحقيق استقرار الأسعار، وتعزيز الأمن الغذائي.
في هذا الإطار، يعمل الأردن على تطوير هذه العمليات من خلال مشاريع استراتيجية، منها الاتفاقية الأخيرة بين وزارة الزراعة ومركز تعبئة وفرز الحمضيات والخضروات، والتي هدفت بدورها إلى تجهيز مركز متخصص لتعبئة وتشميع وفرز وتخزين ما يقارب 12 ألف طن من الحمضيات والخضروات، بكلفة تصل إلى 5 ملايين دينار، وذلك لسد الفجوة بين العرض والطلب وتعزيز الأمن الغذائي.
أهمية التشميع، الفرز، والتبريد في الحفاظ على جودة المحاصيل
تُعتبر الفواكه والخضروات من المنتجات الحساسة التي تحتاج إلى عناية خاصة بعد الحصاد لضمان وصولها إلى المستهلك بجودة عالية. يوضح المهندس محمود العوران، مدير اتحاد المزارعين، في تصريح خاص لـ (الأردن الاقتصادي): أن المحاصيل البستانية يفترض أن تُستهلك طازجة، لكن موسميتها ووفرتها في فترات معينة تؤدي إلى تكدسها في الأسواق، مما يسبب انخفاض أسعارها بشكل كبير. وهنا يأتي دور عمليات التشميع والتبريد في حفظ هذه المنتجات وإطالة عمرها، مما يسمح بتسويقها على مدار العام بدلاً من طرحها بكميات كبيرة في وقت قصير.
مراحل عمليات التشميع، الفرز، والتبريد
يتم التشميع باستخدام مواد طبيعية أو صناعية لتغطية الثمار بطبقة تحميها من التبخر وتحافظ على رطوبتها، مما يقلل من معدل التلف ويُطيل من عمرها التخزيني. يشير المهندس صالح الياسين، نقيب تجار ومنتجي المواد الزراعية، في تصريح خاص لـ (الأردن الاقتصادي): أن هذه التقنية آمنة ولا تؤثر على القيمة الغذائية للمنتج، بل تحافظ على شكله ولونه الطبيعي لفترة أطول.
بعد التشميع، تأتي مرحلة الفرز التي تُجرى إما يدويًا أو عبر خطوط فرز حديثة، حيث يتم تصنيف المنتجات حسب الحجم والجودة، وإزالة التالف منها لضمان طرح أفضل الأصناف في الأسواق. بعدها، تُنقل المنتجات إلى غرف التبريد حيث يتم ضبط درجات الحرارة المناسبة لكل صنف، مما يساعد في منع التعفن وإبطاء نضج الثمار.
تأثير عمليات التشميع، الفرز، والتبريد على استقرار الأسعار وتعزيز الأمن الغذائي
تساهم هذه العمليات في تحقيق استقرار الأسعار من خلال تنظيم كميات المنتجات المطروحة في السوق، مما يمنع الانخفاض الحاد في الأسعار خلال فترات ذروة الإنتاج. يؤكد عبد الرحمن الغزاوي، رئيس جمعية الحمضيات الأردنية، في تصريح خاص لـ (الأردن الاقتصادي): أن أحد الشروط الأساسية لاستقرار الأسعار هو الحد من الاستيراد، خاصة للأصناف التي يتم إنتاجها محليًا بكميات تفوق حاجة السوق.
على سبيل المثال، يُنتج الأردن كميات كبيرة من الليمون، لكن استمرار استيراده أدى إلى انخفاض الأسعار إلى مستويات غير عادلة للمزارعين، حيث وصلت إلى 10-15 قرشًا للكيلو في أسواق الجملة، بينما تصل تكلفة إنتاجه على المزارع إلى 40 قرشًا. وهنا تبرز أهمية مشاريع التشميع والتبريد في تخزين الفائض المحلي وإدارته بذكاء، بدلاً من اللجوء إلى الاستيراد الذي يضر بالمنتج المحلي.
من ناحية الأمن الغذائي، فإن القدرة على تخزين المنتجات لفترات طويلة تقلل الحاجة إلى الاعتماد على الأسواق الخارجية، مما يعزز الاستقلالية الغذائية. ويشدد المهندس محمود العوران على أن طرح المحاصيل كلها دفعة واحدة يؤدي إلى استنزاف المخزون المحلي بسرعة، بينما تتيح تقنيات التخزين المدروس توزيع الإمدادات بشكل متوازن على مدار العام.
ضرورة توعية المستهلك بوجود المواد الشمعية على المنتجات المستوردة
رغم أهمية عملية التشميع في الحفاظ على المحاصيل، إلا أن هناك جانب آخر لا يقل أهمية، وهو ضرورة توعية المستهلك بوجود هذه المواد الشمعية على المنتجات المستوردة. في العديد من الأسواق العالمية، يتم وضع ملصقات توضح أن بعض الفواكه والخضروات مغطاة بطبقة شمعية لحفظها، وهو إجراء يعزز الشفافية ويُمكّن المستهلك من اتخاذ قرارات واعية عند الشراء.
تطبيق مثل هذه الخطوة البسيطة في أسواقنا المحلية لضمان حق المستهلك في أن يكون على دراية بالمواد المستخدمة على المنتجات التي يتناولها يوميًا، سيسهم في تعزيز ثقة المستهلك في المنتجات ورفع مستوى الوعي بأهمية الجودة والسلامة الغذائية. ومن هذا المنطلق، نأمل أن يتم النظر مستقبلاً في إمكانية تبني هذا الإجراء في السوق الأردني من قِبل الجهات المعنية في القطاع الزراعي لمزيد من التنظيم.
نبض